المجتمع المدني في الفكر السياسي الاسلامي المعاصر

ملخص الأطروحة

       المجتمع المدني مصطلح برز في النصف الثاني من القرن الثامن عشر نتيجة للتحولات التي عاشها المجتمع الأوربي، وأهمها الانتقال من حقبة الحكم الاستبدادي إلى حقبة الديمقراطية البرجوازية، ونتيجة للانتقالة الكبيرة في الفكر السياسي الغربي خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، فان النظام الديمقراطي الذي قام على أسس وقيم مختلفة عن تلك التي سادت سابقا، أسَسَ لقيام المجتمع المدني الذي نشأ وارتبط بظهور الدولة الحديثة وتطورها والتحم معها بشدة، إذ كان المجتمع المدني والدولة وجهين لعملة واحدة، لا يقومان إلا بدعم احدهما للآخر. هذا يعني إن المجتمع المدني قد ارتكز على كثير من المفاهيم التي حتمتها ظروف التغيير والإصلاح المتعددة الجوانب والأوجه، منها الحرية والمساواة والإرادة العامة للدولة.

       غير أن رؤية الفكر الإسلامي للمجتمع المدني تعكس أهداف المنظومة المجتمعية الإسلامية ومكوناتها ومسؤولياتها، لجهة بناء المجتمع السليم، وتأمين الخدمات الضرورية له، وتوفير الموازن الاستراتيجي للدولة، لضمان الحقوق والواجبات والوظائف الاجتماعية. وان النص الإسلامي (القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة)، قد منح الفكر الإسلامي منطقة فراغ أباحت له الاجتهاد على وفق أصوله وقواعده الشرعية، لبحث كل ما من شأنه جلب المنافع للمجتمع ودفع المفاسد عنه. وفي ظل ذلك تأتي هذه الدراسة الموسومة (المجتمع المدني في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر)، لإثبات إن الدين الإسلامي قادر على إدارة المجتمع المعاصر وقادر على إثبات الاستدلال الشرعي والفلسفي لفكرة الاجتماع الإنساني. وقد انطلقت الدراسة من فرضية مفادها “أن الفكر الإسلامي تعاطى مع المجتمع المدني برؤية منطلقة من الواقع المعاش. وان النظرية السياسية والاجتماعية في الإسلام تحتوي على أسس ووظائف للمجتمع المدني وفقا للفكر السياسي الإسلامي المعاصر، ولها تطبيقات وممارسات في منظمات المجتمع المدني المعاصرة، وان طبيعة الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر تتمثل في كونها دولة مدنية ناتجة عن مجتمع مدني. وأن هناك علاقة ايجابية بين المجتمع المدني وكل من الدولة والديمقراطية وحقوق الإنسان “.